تشهد مدينة مراكش خلال صيف هذا العام تراجعًا ملحوظًا في أعداد الزوار مقارنة بالسنوات الماضية، التي كانت تعرف خلالها المدينة الحمراء إقبالاً واسعًا من السياح المحليين ومغاربة العالم، خاصة خلال فترات العطل الصيفية وعيد الأضحى. هذا الانخفاض في الحركة السياحية أثار تساؤلات واسعة في أوساط المهنيين والمتابعين، خاصة وأن الظرفية الحالية لا ترتبط بأي أزمة صحية أو حجر كما في السابق، بل تعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية لم تُؤخذ بجدية في الوقت المناسب.
ومن بين أبرز الأسباب، حسب شهادات عدد من الزوار، الارتفاع المفرط في أسعار المبيت والخدمات، حيث شهدت تسعيرات الفنادق ودور الضيافة قفزات غير مسبوقة، تجاوزت في بعض الحالات 2000 درهم لليلة الواحدة، دون مقابل من حيث جودة الخدمة. هذا الغلاء دفع العديد من الأسر المغربية إلى العزوف عن زيارة المدينة، مفضلة وجهات داخلية بديلة أو حتى السفر إلى الخارج، حيث العروض السياحية أكثر تنوعًا والخدمات أكثر احترافية.
أما مغاربة العالم، فقد اختار كثيرون منهم قضاء عطلتهم الصيفية في دول مثل إسبانيا وتركيا والبرتغال، مستفيدين من العروض المغرية والخدمات الجيدة التي تقدمها هذه الوجهات.
وعلى صعيد آخر، ساهم حلول شهر رمضان خلال مارس الماضي في تراجع نسب الإشغال الفندقي، خاصة من قبل السياح المحليين، ولم تتمكن الأسابيع التالية من تعويض هذا الانخفاض.
ولم تكن التكاليف المرتفعة وحدها سببًا في هذا التراجع، إذ أضافت بعض السلوكيات السلبية عبئًا آخر على القطاع، منها المضايقات المتكررة في ساحة جامع الفناء، وسوء تنظيم مواقف السيارات، وارتفاع أسعار النقل داخل المدينة، مما أساء لصورة المدينة في أذهان الزوار، ودفع كثيرين إلى البحث عن وجهات أكثر هدوءًا وأقل كلفة.
ويرى عدد من الفاعلين في القطاع السياحي أن الوضع الراهن يستدعي تدخلاً عاجلاً، يتضمن مراجعة شاملة للأسعار، وتقديم عروض خاصة للمغاربة داخل الوطن وخارجه، إلى جانب تحسين جودة الخدمات، والتصدي للممارسات المسيئة، وتطوير منتوج سياحي متنوع يلبي احتياجات الفئات المتوسطة.
ورغم هذه التحديات، تبقى مراكش واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، غير أن الحفاظ على مكانتها يستلزم الاستماع لصوت الزوار، وتقديم تجربة ترقى لتطلعات السائح المغربي تمامًا كما تُراعى متطلبات السائح الأجنبي.
