
13 أيلول احتضنت قاعة الكوليزي وسط العاصمة تونس، صباح أمس الجمعة، العرض ما قبل الأول لفيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. وقد خُصص العرض للصحافيين الذين غصّت بهم القاعة على غير العادة في مثل هذه المناسبات السينمائية. ولم تحضر بن هنية العرض لانشغالها بتصوير فيلم جديد في فرنسا، بينما حضر جزء من الفريق التونسي – الفلسطيني الذي ساهم في صناعة الفيلم.
يحمل “صوت هند رجب” المشاهد إلى تجربة توثيقية لجريمة حرب ارتُكبت على الهواء، من خلال تسجيلات صوتية للشهيدة هند رجب، أو “هنود” كما عرّفت نفسها، أثناء مكالمتها مع الهلال الأحمر الفلسطيني وهي عالقة داخل سيارة إلى جانب ست جثث تعود لخالها وعائلته، الذين تمت تصفيتهم بدم بارد على يد الجيش الإسرائيلي. هند اعتقدت في البداية وهي تتحدث إلى الهلال الأحمر الفلسطيني أن مرافقيها في السيارة اختاروا النوم وظلت هي الوحيدة المستيقظة في السيارة، لتكتشف بعد دقائق أنها نومتهم الأبدية برصاص جيش الاحتلال الذي قام بتصفيتهم دون رحمة.
كان المشهد كما وصفته رجب مروّعاً: جثث ودماء تحيط بها، ودبابات إسرائيلية تقترب بينما هي تستنجد بفريق الهلال الأحمر. ورغم محاولاتهم الوصول إليها، عرقلت إجراءات التنسيق عملية الإسعاف لأكثر من ساعتين. وعندما وصلت أخيراً سيارة الإسعاف، عمد الجيش الإسرائيلي إلى اغتيال سائقها والمسعف المرافق، قبل أن يجهز على هند رجب نفسها.
الفيلم لا يكتفي بالتوثيق، بل يعرض أيضاً تحليلاً للجريمة عبر الأداء التمثيلي، حيث يشير أحد العاملين في الهلال الأحمر إلى أن الدبابات الإسرائيلية مزوّدة بأجهزة استشعار حرارية، ما يثبت أن الجنود كانوا مدركين تماماً أنهم يستهدفون طفلة حيّة.
على المستوى الفني، نجحت كوثر بن هنية في تجسيد القصة سينمائياً من خلال المزج بين التسجيلات الصوتية الأصلية وشهادة والدة هند رجب، إضافة إلى اعتمادها على كاميرا متحركة واهتزازية، خلقت إحساساً بالاختناق يحاكي ما عاشته الشهيدة. كما وظفت تقنيات التصوير القريب لإبراز انفعالات وجوه الممثلين الذين جسدوا أدوار طواقم الإسعاف، ودمجت ببراعة بين الواقعي والسينمائي عبر إدخال مقاطع حقيقية لفريق الهلال الأحمر وكأنها صُوّرت بهاتف جوال أثناء المكالمة نفسها.