
1 نوفمبر – تعيش مدينة بني خداش في محافظة مدنين بالجنوب الشرقي لتونس هذه الأيام أجواء بهيجة ضمن فعاليات مهرجان “الغربوز”، الذي يُقام كل عام احتفاءً بمنتج التين المجفف الذي تشتهر به المنطقة وتعدّ من أبرز منتجيه في البلاد.
و”الغربوز” كلمة محليّة ذات أصول أمازيغيّة تعني التّين المجفف، وللتجمعات السكانية الجبليّة في الجنوب التّونسي تقاليد وثقافات في تجفيف التين وتشريحه وعنقدته وتحويله إلى منتجات غذائيّة ذات قيمة بيولوجيّة مميّزة، وفي تصنيع أدوية منه صالحة لمعالجة عدّة أمراض لذا اُعتبر “الغربوز” عنوانًا لثقافة محليّة موغلة في القدم ورهانًا على تنمية مستقبليّة واعدة في نماذج التنمية المحليّة المعتمدة في هذه المناطق الدّاخليّة المتاخمة للصّحراء في البلاد التّونسيّة.
ويعتبر “الغربوز” من العادات الغذائية بالمدينة، ويُستخدم بطرق ومكونات مختلفة: تين، غربوز، شريحة، رُبٌّ، وأيضًا يتم اعتماده في صنع المعجون والمرطبات، كما يتم تخزينه لاستعماله على طول العام. وكان الأجداد في مناطق الجنوب التونسي يقايضونه سابقًا بالشعير والقمح والتمر وغيرها من المواد والمنتجات التي يحتاجونها.
وتظهر المهارات والمعارف المتعلّقة بإنتاج “الغربوز” سلسلة منتظمة وفق انتظام فصول السنة، تبدأ مع أوائل فصل الخريف بإعداد شجرة التّين، وتتوج بنهاية فصل الصيف بتخزين محاصيل “الغربوز”.
فما إن تبدأ أولى علامات نضج التين، والتي تظهر في أوائل فصل الصيف، حتى تصبح حقول التين مقصد نساء القرى، فتنشط حركة العائلات في جني الثمار ليتم بعد ذلك نثر التين الناضج على أسطح المنازل التي فرشت بأوراق الحلفاء، فيُنشر التين ويُغطى بأوراق النباتات الجبليّة كالزعتر والإكليل تحت أشعة الشمس الحارقة، ما يزيد من حلاوة مذاقه. وعند انتهاء مرحلة التجفيف، تُجمع كميات “الغربوز” وتُخزن في سلال من الحلفاء أو الإقلال و”الخوابي” المصنوعة من الفخار، بعد أن تدهن بالزيت.
لقد تحول “الغربوز” في السنوات الأخيرة من منتج فلاحي يمثل ميزة منطقة بني خداش الجبلية، ومن عامل اقتصادي تنموي، إلى رمز لهوية الجهة ومصدر فخر لأهالي هذه المناطق الدّاخليّة المتاخمة للصّحراء في البلاد التّونسيّة.










