
لا يزال القطب الجنوبي المتجمد سرًا من أسرار هذا الكون البديع الذي يحوي الكثير من الظواهر الغامضة المحمية تحت الثلوج وطبقات الجليد السميكة.
ومع هبوب الرياح القطبية الباردة ودرجات الحرارة المنخفضة، اكتشف خبراء الجيولوجيا من أوروبا والصين خلال رحلتهم الاستطلاعية باستخدام أجهزة الرادار عددًا كبيرًا من مجاري الأنهار القديمة التي كانت تتدفق على سطح شرق القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) قبل أن يبدأ تجمد سطحها.
ووفقًا لما أفادت به دائرة العلاقات العامة في جامعة “دورهام” البريطانية فإن هذه الظاهرة حدثت قبل نحو 34 مليون سنة، مشيرةً إلى أن هذا الاكتشاف سيساعد العلماء في التنبؤ بدقة أكبر بكيفية تحرك الأنهار الجليدية التي تغطي تلك المجاري القديمة.
وقال الباحث في جامعة “دورهام” جاي باكسمان: “تعد تضاريس القارة القطبية الجنوبية، المخفية تحت طبقات سميكة من الجليد، من أكثر الظواهر غموضًا وإثارة للاهتمام في النظام الشمسي، وعندما بدأنا دراستها باستخدام صور الرادار، اكتشفنا العديد من المناطق المسطحة التي كانت سهولًا نهرية”.
ويشهد مظهرها البكر على أن الأنهار الجليدية لا تدمر مثل هذه التشكيلات التضاريسية، بل تحافظ عليها، ما يؤثر بشكل مباشر في حركة الجليد اللاحقة”.
وحسب التقديرات الجيولوجية الحالية، نشأت هذه الأنهار بعد انفصال شرق أنتاركتيكا عن أستراليا، والذي حدث قبل نحو 80 مليون سنة، وأدى تدفقها عبر سطح القارة إلى تشكل سهولًا نهرية مسطحة، ظلت مغطاة بالأنهار الجليدية منذ حوالي 34 مليون سنة، عندما تغيّر مناخ الأرض بشكل حاد نتيجة فتح مضيق دريك وانفصال أمريكا الجنوبية عن القارة القطبية.
وكان اكتشاف هذا العدد الكبير من السهول النهرية تحت الجليدية مفاجئًا للجيولوجيين, إذ كان الاعتقاد السائد، بناء على دراسات العصر الجليدي في نصف الكرة الشمالي، أن الأنهار الجليدية عادة ما تدمر مثل هذه التضاريس بسرعة.
ويفيد هذا الاكتشاف بأن القبعات الجليدية القطبية لا تحدث دائمًا تأثيرًا مدمّرًا على الأراضي التي تغطيها، وأنها قد تسهم أحيانًا في حفظ المعالم (الجيومورفولوجية) القديمة.
//واس //