
افتتح أمين عام وزارة الثقافة، الدكتور نضال العياصرة، مساء الخميس، معرض “بشاير جرش 12” للمواهب الشابة، في مركز الحسين الثقافي، ضمن فعاليات الدورة الـ39 من مهرجان جرش للثقافة والفنون، بالتعاون مع رابطة الكتّاب الأردنيين.
ويستمر المعرض حتى يوم السبت، ويضم أعمالاً إبداعية في مجالات الفن التشكيلي، النحت، والخط العربي، نفذها فنانون وفنانات من الشباب، قدّموا رؤى فنية تعبّر عن طاقاتهم ومهاراتهم، وتحمل ملامح أجيال واعدة قادرة على تطوير الفن الأردني والانطلاق به نحو آفاق جديدة.
وفي كلمته خلال الافتتاح، أكد الدكتور العياصرة أن مهرجان جرش يفتح ذراعيه للمبدعين الشباب، انطلاقًا من إيمان الدولة، وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، بأهمية تمكين الشباب ودعم طاقاتهم. وأضاف: “الشباب هم الأمل، وهم الرهان الذي نؤمن به”. وأوضح أن برنامج “بشاير” اختار هذا العام أكثر من 100 مشارك ومشاركة في خمسة مجالات فنية، وتم العمل معهم بمنهجية متخصصة تضمن التأهيل الفني والإنساني قبل عرض نتاجهم للجمهور.
ومن بين أبرز اللحظات الإنسانية في المعرض، لوحة بورتريه لجلالة الملك عبدالله الثاني، أنجزتها الفنانة ملك جفال (24 عامًا) من محافظة الزرقاء، والتي تحدّت صعوبات جسدية بسبب ضعف في الأطراف، وقدّمت عملاً لافتاً حمل رسالة حب وانتماء. رغم توقفها عن الدراسة في الصف التاسع، وجدت في مديرية ثقافة الزرقاء حضنًا لرعاية موهبتها، وأنتجت عشرات الأعمال التي لاقت إشادة كبيرة. وكان مشهد والديها، وهما يتسلمان معها شهادة التقدير، أحد أكثر اللحظات تأثيرًا في الافتتاح.
في جناح الفن التشكيلي، برزت الفنانة فاطمة عويضة، خريجة جمعية “رواق جرش”، بلوحتها “جفرا”، والتي وصفتها بأنها “أنثى تحمل في عينيها صمت الأرض وقصص الجبال، وجبينها صخرة لا تنحني، وثوبها أزرق كالسماء”. فاطمة، التي أصبحت مدربة لأكثر من 200 طالب وطالبة، تمثّل نموذجًا لشباب يشقون طريقهم بإبداع وثقة.
أما في جناح النحت، فقد أبدعت يارا الهباهبة، طالبة الفنون البصرية في الجامعة الأردنية، في تقديم عمل خشبي بعنوان “أوديت”. تجسدت في منحوتتها معاني الطيبة والشجاعة والاستقلال، وكانت دليلاً على موهبة صقلتها أكاديميًا بعد أن بدأت كهواية.
وفي مجال الخط العربي، عُرضت عشر لوحات أبدعها عشرة فنانين، كان من أبرزهم غيداء شويات، خريجة الفيزياء التي تدربت في معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة، وأصبحت مدرّبة للخط العربي في مركز عجلون الثقافي بعد عام من التعلم والمثابرة.
ولقي المعرض إعجابًا واسعًا من الزوّار، حيث قالت الزائرة ليلى محمد: “لأول مرة أشاهد معرضاً بهذا المستوى لفنانين شباب، أعمالهم ناضجة ومحترفة”. وأشار الزائر محمد العلي إلى جماليات الخط العربي قائلاً: “لوحات الخط رائعة، وأتمنى لو زاد عددها، لأن الحرف العربي عالم واسع الجمال”. أما إياس غرايبة فشدّد على أهمية الاستمرار في دعم هذه المواهب، مؤكداً أن المعرض يشكل منصة حقيقية للانطلاق نحو التمثيل العربي والدولي.
ضمّ المعرض نحو 60 لوحة تشكيلية تنتمي لمدارس متنوعة مثل الرمزية، التجريدية، الواقعية والانطباعية، باستخدام خامات مختلفة كالأكريليك والزيت والفحم، إلى جانب 20 منحوتة من الخشب والطين والورق والمعدن، و10 لوحات خط عربي.
أشرف على تنظيم المعرض نخبة من الفنانين والخبراء، من بينهم الفنان كمال أبو حلاوة، والدكتور جميل بني عطا من الجامعة الأردنية، والخطاط علي الجيزاوي.
وأكد مدير برنامج “بشاير”، رمزي الغزوي، أن البرنامج انطلق قبل 14 عامًا على قناعة بأن “الموهبة لا تُصنع، بل تُكتشف وتُصقل”. وأضاف: “عملنا على تقديم مضمون حقيقي، ووصلنا إلى نحو 700 موهبة أثبتت جدارتها في المشهد الثقافي المحلي والعربي، وهدفنا أن نضع الموهبة أمام استحقاق تطوير الذات، ونشجع المحيط على دعمها واستثمارها”.
واختُتمت الفعالية بتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين، بحضور فنانين وجمهور واسع من المهتمين، في أمسية احتفت بالفن، والموهبة، والإنسان.